اخوتي الكرام..إليكم تلك القصة والذي كتبها الأخ صالح بن سليمان أبو حميد في مجلة الأسرة العدد 160 لعام 1427هـ :
قبل يومين كان أحد زملاء أخي يقود «دباب بانشي» في العاذرية تعرّض لحادث مريع، إذ سقط في حفرة وكانت إصابته بالغة حيث انكسر فكه وأصيب ظهره و تمزق جزء بسيط من رئته وهو الآن على السرير الأبيض في أحد المشافي تحت الملاحظة الفائقة.
الأمر المحزن أنه كان مع أخي في إحدى الدول المجاورة قبل أسبوع تقريبا ولو كان يعلم أنه سوف يصاب بهذه الإصابة ويفقد الوعي لما سافر.
ذهب أخي لزيارته قبل العصر في المشفى وما إن وصل حتى أخذ يجرّ الخطى، يمشي ببطء شديد، يفكر أثناء سيره داخل الممرات كيف سيرى شكل صاحبه داخل غرفة الملاحظة الفائقة، دلف الغرفة وهاهو صاحبه أمامه على السرير لا يستطيع الحراك، الأجهزة تحيط به من كل مكان منظره تغيّر كثيراً، عندها تنهد أخي وسالت دموعه؛ لأنه تذكّر موقفاً حصل مع صديقه قبل أيام عندما سمعا الآذان قال له أخي هيا لنتهيأ لأداء الصلاة فرد عليه: العمر طويل، عندما تذكر ذلك بكى أخي وضاقت به الدنيا الواسعة.. يا الله! كيف قالها ليته علم أنه سوف يكون هنا قبل أن ينطقها وتتحرك بها شفتاه، أحسّ أخي بثقل على كاهله وبانتفاضة في جسده وضيق في صدره فخرج من الغرفة مسرعا متجها نحو سيارته، ولم يستطع أن يقودها بل إن أفكاره وذكرياته فقط هي التي أصبحت تقوده، تذكر أني أهديته شريط قرآن ولم يجد عناء في البحث عنه لتميّز غلافه عن بقية الأشرطة التي عنده وعندما سمعه هدأ روعه وسكن جزعه، أراد التحرك ولكن لا يعلم إلى أين يذهب، بلى لقد عرف الطريق الذي ينبغي له ولكل إنسان أن يتجه إليه إنه المسجد حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: (أرحنا بالصلاة يا بلال).
المشكلة ليست هنا: المشكلة أن زملاءه بالاستراحة - أصدقاء العمر كما يقولون - سوف يقيمون حفلة يوم الأربعاء القادم في إحدى الاستراحات وقرروا استضافة أحد الفنانين، رفض أخي رغم أنه ليس بملتزم وقال كيف تقيمون هذه الحفلة وصاحبنا الذي كان لا يفارقنا على هذه الحالة؟! رد عليه أحدهم: إذا ضاقت بنا الدنيا هل ستعود له عافيته ويخرج من المشفى؟!، طبعاً أخي تضايق وسكت أو بالأصح لم يعرف كيف يرد (آه من أصحاب هذا الزمان).
تذكرت في هذه اللحظة ضعف الإنسان، فأهل المُصاب في المشفى ينظرون إليه ولا يستطيعون فعل أي شيء له، ومع ذلك تجد المعافى يتجبّر على غيره، الزوج على زوجته، والزوجة على الخادمة، والغني على الفقير، والرئيس على المرؤوس، نسوا وتناسوا أنه في أي لحظة قد ينقلب الأمر عليهم فلا يستطيعون فعل أي شيء، بل ربما يصابون بمرض أو عاهة.
(سوف أنتقل بكم سريعاً إلى ذاكرتي)
تذكرت لما توفّيّ أحد الملتزمين – لا أعرفه شخصياً - ذهب أربعة من زملائه في نفس اليوم لمكة وأخذوا عمرة عنه وخامس قام بتوزيع كتب شرعية يقول هذه عن فلان رحمه الله، مغسلة الأموات امتلأت الكل يريد تغسيل صاحبهم المتوفّى والمقبرة مليئة برجال وشباب يدعون له، جاء من زملائه السابقين – قبل الالتزام - ثلاثة أشخاص فقط، - التزم قبل وفاته بشهرين رحمه الله - وباقي الحضور لا يعرفونه ولم يروه في السابق، وزملاؤه الملتزمون الجدد تصدقوا عليه ويزورون قبره كل فتره يدعون له ويذكرونه بالخير.
عرفت الآن الفرق بين المستقيم وغير المستقيم .. الفرق بسيط جداً: المستقيم عرف أن أمامه يوماً سيلاقي فيه ربه ولذلك أرسل الله له من يعينونه على هذا اليوم. أما غير المستقيم نَسيَ هذا اليوم ولن يجد من يعينه في هذا اليوم.
* *
أختكم حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
قبل يومين كان أحد زملاء أخي يقود «دباب بانشي» في العاذرية تعرّض لحادث مريع، إذ سقط في حفرة وكانت إصابته بالغة حيث انكسر فكه وأصيب ظهره و تمزق جزء بسيط من رئته وهو الآن على السرير الأبيض في أحد المشافي تحت الملاحظة الفائقة.
الأمر المحزن أنه كان مع أخي في إحدى الدول المجاورة قبل أسبوع تقريبا ولو كان يعلم أنه سوف يصاب بهذه الإصابة ويفقد الوعي لما سافر.
ذهب أخي لزيارته قبل العصر في المشفى وما إن وصل حتى أخذ يجرّ الخطى، يمشي ببطء شديد، يفكر أثناء سيره داخل الممرات كيف سيرى شكل صاحبه داخل غرفة الملاحظة الفائقة، دلف الغرفة وهاهو صاحبه أمامه على السرير لا يستطيع الحراك، الأجهزة تحيط به من كل مكان منظره تغيّر كثيراً، عندها تنهد أخي وسالت دموعه؛ لأنه تذكّر موقفاً حصل مع صديقه قبل أيام عندما سمعا الآذان قال له أخي هيا لنتهيأ لأداء الصلاة فرد عليه: العمر طويل، عندما تذكر ذلك بكى أخي وضاقت به الدنيا الواسعة.. يا الله! كيف قالها ليته علم أنه سوف يكون هنا قبل أن ينطقها وتتحرك بها شفتاه، أحسّ أخي بثقل على كاهله وبانتفاضة في جسده وضيق في صدره فخرج من الغرفة مسرعا متجها نحو سيارته، ولم يستطع أن يقودها بل إن أفكاره وذكرياته فقط هي التي أصبحت تقوده، تذكر أني أهديته شريط قرآن ولم يجد عناء في البحث عنه لتميّز غلافه عن بقية الأشرطة التي عنده وعندما سمعه هدأ روعه وسكن جزعه، أراد التحرك ولكن لا يعلم إلى أين يذهب، بلى لقد عرف الطريق الذي ينبغي له ولكل إنسان أن يتجه إليه إنه المسجد حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: (أرحنا بالصلاة يا بلال).
المشكلة ليست هنا: المشكلة أن زملاءه بالاستراحة - أصدقاء العمر كما يقولون - سوف يقيمون حفلة يوم الأربعاء القادم في إحدى الاستراحات وقرروا استضافة أحد الفنانين، رفض أخي رغم أنه ليس بملتزم وقال كيف تقيمون هذه الحفلة وصاحبنا الذي كان لا يفارقنا على هذه الحالة؟! رد عليه أحدهم: إذا ضاقت بنا الدنيا هل ستعود له عافيته ويخرج من المشفى؟!، طبعاً أخي تضايق وسكت أو بالأصح لم يعرف كيف يرد (آه من أصحاب هذا الزمان).
تذكرت في هذه اللحظة ضعف الإنسان، فأهل المُصاب في المشفى ينظرون إليه ولا يستطيعون فعل أي شيء له، ومع ذلك تجد المعافى يتجبّر على غيره، الزوج على زوجته، والزوجة على الخادمة، والغني على الفقير، والرئيس على المرؤوس، نسوا وتناسوا أنه في أي لحظة قد ينقلب الأمر عليهم فلا يستطيعون فعل أي شيء، بل ربما يصابون بمرض أو عاهة.
(سوف أنتقل بكم سريعاً إلى ذاكرتي)
تذكرت لما توفّيّ أحد الملتزمين – لا أعرفه شخصياً - ذهب أربعة من زملائه في نفس اليوم لمكة وأخذوا عمرة عنه وخامس قام بتوزيع كتب شرعية يقول هذه عن فلان رحمه الله، مغسلة الأموات امتلأت الكل يريد تغسيل صاحبهم المتوفّى والمقبرة مليئة برجال وشباب يدعون له، جاء من زملائه السابقين – قبل الالتزام - ثلاثة أشخاص فقط، - التزم قبل وفاته بشهرين رحمه الله - وباقي الحضور لا يعرفونه ولم يروه في السابق، وزملاؤه الملتزمون الجدد تصدقوا عليه ويزورون قبره كل فتره يدعون له ويذكرونه بالخير.
عرفت الآن الفرق بين المستقيم وغير المستقيم .. الفرق بسيط جداً: المستقيم عرف أن أمامه يوماً سيلاقي فيه ربه ولذلك أرسل الله له من يعينونه على هذا اليوم. أما غير المستقيم نَسيَ هذا اليوم ولن يجد من يعينه في هذا اليوم.
* *
أختكم حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »