بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : وبعد
أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم
إليكم ذكر الموت
أخواني وأخواتي اعلموا وفقني الله وإياكم أن الموت أعانني الله وإياكم وجميع المسلمين والمسلمات على شدائده وسكراته وغمومه هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع,وإنه الحادث الهائل العظيم الهادم للذات والأقطع للراحات والأجلب للكريهات وإن أمرا يقطع أوصالك ويفرق أعضاءك ويفتت أعضادك ويهدد أركانك لهو الأمر العظيم والخطب الجسيم وإن يومه لهو اليوم العقيم.
وما ظنك رحمك الله بنازل ينزل بك فيذهب رونقك وبهاءك ويغير منظرك وحسنك ويمحو صورة جمالك ويمنعك من اجتماعك واتصالك.
ويردك بعد النعمة والنظرة والسطوة والقدرة والنخوة والعزة إلى حالة يبادر أحب الناس لك وأرحمهم بك وأعطفهم عليك فيقذفك في حفرة من الأرض قريبة أنحاؤها مظلمة أرجاؤها محكم عليك طينها وأحجارها متحكم فيك هوامها وديدانها.
ثم بعد ذلك يتمكن منك الإعدام وتختلط بالرغام وتصير ترابا توطؤ بالأقدام وربما ضرب منك إناء فخار أو أحكم منك بناء جدار أو طلي منك محبس ماء أمو موقد نار,أو نحو ذلك.
لعلّ إناء منه يصنع مرّة
وينقل من أرض لأخرى وما درى
فيكل من أراد ويشرب
فواها له بعد البلا يتغرّب
ثم اعلم وفقنا الله وإياك للاستعداد لما أمامنا من الأهوال والشدائد والكروب والأمور المزعجات.
أنه جدير بمن الموت مصرعه والتراب مضجعه والدود أنيسه ومنكر ونكير جليسه والقبر مقره وبطن الأرض مستقره والقيامة موعده والجنة أو النار مورده.
أن لا يكون له فكر إلا في الموت ولا ذكر إلا له ولا استعداد إلا لأجله ولا تدبير إلا فيه ولا تطلع إلا إليه ولا تأهب إلا له ولا تعريج إلا عليه ولا اهتمام إلا به ولا انتظار ولا تربص إلا له.
وحقيق بالعاقل أن يعد نفسه من الموتى ويراها من أصحاب القبور فإن كل ما هو آت قريب قال الله جل وعلا: اقترب للنّاس حسابهم وهم في غفلة مّعرضون وقال تبارك وتعالى: أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه وقال : "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" الحديث.
واعلم أنه لو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيانك أخرى الليالي والأيام لكان والله لأهل اللذات مكدرا ولأصحاب النعيم منغصا ومغيرا ولأرباب العقول الراجحة عن الرغبة في هذه الدار زاجرا ومنفرا وللمنهمك في الدنيا وزخارفها منذرا ومزعجا ومخدرا.
قال مطرف بن الشخير: إن هذا الموت نغص على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا نعيما لا موت فيه فكيف ووراءه يوم يعد فيه الجواب وتدهش فيه الألباب وتفنى في شرحه الأقلام والكتاب.
ولم يمرر به يوم فظيع
ويوم الحشر أفظع منه هولا
فكم من ظالم يبقى ذليلا
وشخص كان في الدّنيا فقيرا
وعفو الله أوسع كلّ شيء
أشدّ عليه من يوم الحمام
إذا وقف الخلائق بالمقام
ومظلوم تشمّر للخصام
تبوّأ منزل النّجب الكرام
تعالى الله خلاق الأنام
ومن كلام بعضهم يا ابن آدم لو رأيت ما حل بك وما أحاط بأرجائك لبقيت مصروعا لما بك مذهولا عن أهلك وأصحابك.
يا ابن آدم أما علمت أن بين يديك يوما يصم سماعه الآذان ويشيب لروعه الولدان ويترك فيه ما عز وما هان ويهجر له الأهلون والأوطان.
يا ابن آدم أما ترى مسير الأيام بجسمك وذهابها بعمرك وإخراجها لك من سعة قصرك إلى مضيق قبرك وبعد ذلك ما لذكر بعضه تتصدع القلوب وتنضج له الجوانح وتذوب ويفر المرء على وجهه فلا يرجع ولا يؤوب ويود الرجعة وأنى له المطلوب.
قال الله جل وعلا وتقدس: وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وقال تبارك وتعالى: أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرّطت في جنب اللّه وإن كنت لمن السّاخرين (56) أو تقول لو أنّ اللّه هداني لكنت من المتّقين (57) أو تقول حين ترى العذاب لو أنّ لي كرّة فأكون من المحسنين وقال تبارك وتعالى: هنالك تبلو كلّ نفس مّا أسلفت وقال عز من قائل: اقترب للنّاس حسابهم وهم في غفلة مّعرضون وقال: أيودّ أحدكم أن تكون له جنّة مّن نّخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كلّ الثّمرات وأصابه الكبر وله ذرّيّة ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات لعلّكم تتفكّرون وقال: وجيء يومئذ بجهنّم يومئذ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذّكرى (23) يقول يا ليتني قدّمت لحياتي وقال تبارك وتعالى: فإذا جاءت الطّامّة الكبرى (34) يوم يتذكّر الإنسان ما سعى وقال تعالى: يوم تجد كلّ نفس مّا عملت من خير مّحضرا وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمدا بعيدا وقال تعالى: واتّقوا يوما لاّ تجزي نفس عن نّفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون وقال جل وعلا: وأنفقوا من مّا رزقناكم مّن قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدّق وأكن مّن الصّالحين وقال تبارك وتعالى: واتّقوا يوما ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفس مّا كسبت وهم لا يظلمون.
شعرا:
لأمر ما تصدّعت القلوب
وباتت في الجوانح نار ذكرى
وما خفّ اللّبيب لغير شيء
ذراه لائماه فلا تلوما
رأى الأيّام قد مرّت عليه
وما نفس يمرّ عليه إلا
وبين يديه لو يدري مقام
وهذا الموت يدنيه إليه
مقام تستلذ به المنايا
وماذا الوصف بالغه ولكن
وباح بسرّها دمع سكيب
لها من خارج أثر عجيب
ولا أعيا بمنطقه الأريب
فربّت لأئم فيه يحوب
مرور الريح يدفعها الهبوب
ومن جتمانه فيه نصيب
به الولدان من روع تشيب
كما يدني إلى الهرم المشيب
وتدعى فيه لو كانت تجيب
هي الأمثال يفهمها اللّبيب
اللهم ألهمنا ذكرك ووفقنا للقيام بحقك وبارك لنا في الحلال من رزقك ولا تفضحنا بين خلقك يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يا قاضي الحاجات ومجيب الدعوات هب لنا ما سألناه وحقق رجاءنا فيما تمنيناه يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما في ضمائر الصامتين أذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه الطيبين وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : وبعد
أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم
إليكم ذكر الموت
أخواني وأخواتي اعلموا وفقني الله وإياكم أن الموت أعانني الله وإياكم وجميع المسلمين والمسلمات على شدائده وسكراته وغمومه هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع,وإنه الحادث الهائل العظيم الهادم للذات والأقطع للراحات والأجلب للكريهات وإن أمرا يقطع أوصالك ويفرق أعضاءك ويفتت أعضادك ويهدد أركانك لهو الأمر العظيم والخطب الجسيم وإن يومه لهو اليوم العقيم.
وما ظنك رحمك الله بنازل ينزل بك فيذهب رونقك وبهاءك ويغير منظرك وحسنك ويمحو صورة جمالك ويمنعك من اجتماعك واتصالك.
ويردك بعد النعمة والنظرة والسطوة والقدرة والنخوة والعزة إلى حالة يبادر أحب الناس لك وأرحمهم بك وأعطفهم عليك فيقذفك في حفرة من الأرض قريبة أنحاؤها مظلمة أرجاؤها محكم عليك طينها وأحجارها متحكم فيك هوامها وديدانها.
ثم بعد ذلك يتمكن منك الإعدام وتختلط بالرغام وتصير ترابا توطؤ بالأقدام وربما ضرب منك إناء فخار أو أحكم منك بناء جدار أو طلي منك محبس ماء أمو موقد نار,أو نحو ذلك.
لعلّ إناء منه يصنع مرّة
وينقل من أرض لأخرى وما درى
فيكل من أراد ويشرب
فواها له بعد البلا يتغرّب
ثم اعلم وفقنا الله وإياك للاستعداد لما أمامنا من الأهوال والشدائد والكروب والأمور المزعجات.
أنه جدير بمن الموت مصرعه والتراب مضجعه والدود أنيسه ومنكر ونكير جليسه والقبر مقره وبطن الأرض مستقره والقيامة موعده والجنة أو النار مورده.
أن لا يكون له فكر إلا في الموت ولا ذكر إلا له ولا استعداد إلا لأجله ولا تدبير إلا فيه ولا تطلع إلا إليه ولا تأهب إلا له ولا تعريج إلا عليه ولا اهتمام إلا به ولا انتظار ولا تربص إلا له.
وحقيق بالعاقل أن يعد نفسه من الموتى ويراها من أصحاب القبور فإن كل ما هو آت قريب قال الله جل وعلا: اقترب للنّاس حسابهم وهم في غفلة مّعرضون وقال تبارك وتعالى: أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه وقال : "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" الحديث.
واعلم أنه لو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيانك أخرى الليالي والأيام لكان والله لأهل اللذات مكدرا ولأصحاب النعيم منغصا ومغيرا ولأرباب العقول الراجحة عن الرغبة في هذه الدار زاجرا ومنفرا وللمنهمك في الدنيا وزخارفها منذرا ومزعجا ومخدرا.
قال مطرف بن الشخير: إن هذا الموت نغص على أهل النعيم نعيمهم فاطلبوا نعيما لا موت فيه فكيف ووراءه يوم يعد فيه الجواب وتدهش فيه الألباب وتفنى في شرحه الأقلام والكتاب.
ولم يمرر به يوم فظيع
ويوم الحشر أفظع منه هولا
فكم من ظالم يبقى ذليلا
وشخص كان في الدّنيا فقيرا
وعفو الله أوسع كلّ شيء
أشدّ عليه من يوم الحمام
إذا وقف الخلائق بالمقام
ومظلوم تشمّر للخصام
تبوّأ منزل النّجب الكرام
تعالى الله خلاق الأنام
ومن كلام بعضهم يا ابن آدم لو رأيت ما حل بك وما أحاط بأرجائك لبقيت مصروعا لما بك مذهولا عن أهلك وأصحابك.
يا ابن آدم أما علمت أن بين يديك يوما يصم سماعه الآذان ويشيب لروعه الولدان ويترك فيه ما عز وما هان ويهجر له الأهلون والأوطان.
يا ابن آدم أما ترى مسير الأيام بجسمك وذهابها بعمرك وإخراجها لك من سعة قصرك إلى مضيق قبرك وبعد ذلك ما لذكر بعضه تتصدع القلوب وتنضج له الجوانح وتذوب ويفر المرء على وجهه فلا يرجع ولا يؤوب ويود الرجعة وأنى له المطلوب.
قال الله جل وعلا وتقدس: وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وقال تبارك وتعالى: أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرّطت في جنب اللّه وإن كنت لمن السّاخرين (56) أو تقول لو أنّ اللّه هداني لكنت من المتّقين (57) أو تقول حين ترى العذاب لو أنّ لي كرّة فأكون من المحسنين وقال تبارك وتعالى: هنالك تبلو كلّ نفس مّا أسلفت وقال عز من قائل: اقترب للنّاس حسابهم وهم في غفلة مّعرضون وقال: أيودّ أحدكم أن تكون له جنّة مّن نّخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كلّ الثّمرات وأصابه الكبر وله ذرّيّة ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبيّن اللّه لكم الآيات لعلّكم تتفكّرون وقال: وجيء يومئذ بجهنّم يومئذ يتذكّر الإنسان وأنّى له الذّكرى (23) يقول يا ليتني قدّمت لحياتي وقال تبارك وتعالى: فإذا جاءت الطّامّة الكبرى (34) يوم يتذكّر الإنسان ما سعى وقال تعالى: يوم تجد كلّ نفس مّا عملت من خير مّحضرا وما عملت من سوء تودّ لو أنّ بينها وبينه أمدا بعيدا وقال تعالى: واتّقوا يوما لاّ تجزي نفس عن نّفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون وقال جل وعلا: وأنفقوا من مّا رزقناكم مّن قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخّرتني إلى أجل قريب فأصّدّق وأكن مّن الصّالحين وقال تبارك وتعالى: واتّقوا يوما ترجعون فيه إلى اللّه ثمّ توفّى كلّ نفس مّا كسبت وهم لا يظلمون.
شعرا:
لأمر ما تصدّعت القلوب
وباتت في الجوانح نار ذكرى
وما خفّ اللّبيب لغير شيء
ذراه لائماه فلا تلوما
رأى الأيّام قد مرّت عليه
وما نفس يمرّ عليه إلا
وبين يديه لو يدري مقام
وهذا الموت يدنيه إليه
مقام تستلذ به المنايا
وماذا الوصف بالغه ولكن
وباح بسرّها دمع سكيب
لها من خارج أثر عجيب
ولا أعيا بمنطقه الأريب
فربّت لأئم فيه يحوب
مرور الريح يدفعها الهبوب
ومن جتمانه فيه نصيب
به الولدان من روع تشيب
كما يدني إلى الهرم المشيب
وتدعى فيه لو كانت تجيب
هي الأمثال يفهمها اللّبيب
اللهم ألهمنا ذكرك ووفقنا للقيام بحقك وبارك لنا في الحلال من رزقك ولا تفضحنا بين خلقك يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يا قاضي الحاجات ومجيب الدعوات هب لنا ما سألناه وحقق رجاءنا فيما تمنيناه يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما في ضمائر الصامتين أذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه الطيبين وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .